بصفتها مديرة الفن جميل، فإن مقعد أنطونيا كارفر محجوز في الصفوف الأولى لمتابعة انتقال قطاع الفن في الشرق الأوسط إلى مصاف العالمية.

 وقد تحدثت إلى مجلة “فتح الآفاق” عن دور الفن جميل في التغيرات المثيرة التي تحدث في قطاع الفنون في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والمنطقة عامة.

منذ وصول أنطونيا كارفير إلى الشرق الأوسط من عشرين عامًا، حدثت تغيرات كثيرة، ولكن لا يوجد سوى القليل من جوانب الحياة في الشرق الأوسط التي شهدت تحولاً ديناميكيًا هائلاً مثل الذي تمر به الساحة الفنية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وقد بدأت كلامها قائلة “هناك تغير واسع النطاق في الاهتمام بالشرق الأوسط وفهم طبيعته والوعي بالمواهب الفنية العظيمة التي تخرج منه.”

وترى أنطونيا أن هذا التغير فرصة بادرت المنطقة لاغتنامها سريعًا. فالساحة الفنية في المملكة العربية السعودية ديناميكية وتتسم بنمو سريع، والشارقة بها متاحف أكثر من أي مدينة أخرى بالخليج وهي تنظم بينالي الشارقة منذ أكثر من 20 عامًا. أما أبوظبي فبها متحف اللوفر، وبها معارض فنية أكثر من أي مدينة أخرى في الشرق الأوسط، وقاعات المزادات بها والمعارض الفنية جعلت منها المركز التجاري للفنون في الشرق الأوسط.

فالمدن القديمة مثل بغداد وبيروت وعمان والقاهرة هي “المراكز الكبرى القديمة” منذ عقود، ولكن المدن الجديدة بدأت تشق طريقها إلى الهيمنة العالمية.

وتشرح أنطونيا ذلك قائلة: “في منتصف العقد الماضي كان هناك التفات كبير لفهم مدن الخليج، والتي كانت في ذلك الوقت وجهات ثقافية وأماكن تستطيع أن تجمع المهتمين على نحو لا تباريها فيه المدن في أي منطقة أخرى. فلو نظرنا إلى دبي، مثلاً، لوجدنا أنها أصبحت قبلة للمهتمين بالفن من كل مكان للاطلاع على فنون جنوب آسيا وإيران والعالم العربي كله.”

وكانت هذه التحولات هي الخلفية التي استطاعت فيها مبادرة الفن جميل، ذراع مجتمع جميل للصناعات الإبداعية، أن تزدهر فيها، لتعمل الآن على تطوير مراكز فنية جديدة في المملكة العربية السعودية ودبي. فهناك الحي: ملتقى الإبداع والذي سيفتح أبوابه في جدة في 2019، ومركز جميل للفنون بدبي، وسيكون معهدًا للفنون المعاصرة يستضيف المعارض العالمية وتكتمل رسالته بالمكتبة وفرص التعلم، والذي من المقرر افتتاحه في نوفمبر من هذا العام.

وتضيف أنطونيا: “مبادرة الفن جميل هي مؤسسة، ولذلك فإنها تباشر عملها على المستويين الدولي والمحلي.” “القاعدتان الأساسيتان لنا هما دبي وجدة، كما أن لنا داعمين مهمين في لندن (متحف فيكتوريا وألبرت) ونيويورك (متحف متروبوليتان للفنون). ولكن محور عمل المؤسسة هو رعاية فناني الشرق الأوسط وعرض أعمالهم على العالم كله. ففي المملكة العربية السعودية، مثلاً، فإن عملنا محلي جدًا، من القاعدة إلى أعلى، ثم نربط بين هذا العمل والنهج الدولي بأن نؤدي دور همزة الوصل التي تربط بين الساحتين المحلية والدولية.”

في دبي، فإن الحياة بجميع جوانبها، لها طابع عالمي، والفن ليس استثناء من ذلك وتؤدي مبادرة الفن جميل هناك دورًا مهمًا في تحفيز ذلك. وتقول أنطونيا “مركز جميل للفنون مكان يتسع للجميع. وهذه رسالة تبعث بها أعلى القيادات في المؤسسة. فنحن ننظر إلى المجتمعات نظرة إجمالية ونرى الأثر الكبير الذي يمكن للفن أن يسهم به في بناء مجتمع مزدهر.”

لقطة بمناسبة الإعلان عن فوز مهدي مطشر ومارينا تبسم بجائزة جميل 5، وهي أول مرة يتقاسم فيها فنانان الجائزة، ويحيط بهما أنطونيا كارفير (إلى اليسار) وتريسترام هنت، مدير متحف فيكتوريا وألبرت (أقصى اليسار) والسيد فادي محمد جميل (إلى اليمين).

ومن خلال مبادرات مثل جائزة جميل، وهي جائزة دولية للفنون والتصميمات المعاصرة المستوحاة من التراث الإسلامي تُنظم بالاشتراك مع متحف فيكتوريا وألبرت للفنون بلندن، تعمل الفن جميل على تشجيع ودعم وجود فنون الشرق الأوسط في مختلف أنحاء العالم.

كما أن تنظيم الجائزة أيضًا يوفر حصيلة معرفية هائلة تساعد على تشكيل أعمال الفن جميل في المملكة العربية السعودية ودبي، حيث تستفيد كل فئة من الجمهور من التجارب المختلفة.

وتكمل أنطونيا قائلة: “يقع مركز جميل للفنون بدبي بالقرب من المطار، الذي يُعد من أكثر مطارات العالم ازدحامًا، وهو موقع مثالي يسمح للمسافرين الذين ينتظرون استئناف رحلاتهم أن يخصصوا هذه الساعات القليلة بين الرحلات، أو قبل الوصول إلى الفندق أو مغادرته عائدين للمطار، لزيارة المركز. وهذا المزج بين الجمهور المحلي والعالمي أكثر وضوحًا في دبي عنه في جدة.

حي: ملتقى الإبداع بجدة (انطباع الفنان

“جمهورنا في جدة أكثر ميلاً للطابع المحلي. وعلى الرغم من الخطوات الهائلة التي اُتخذت في السنوات الأخيرة، وخاصة من جانب المجلس الفني السعودي والهيئة العامة للترفيه والهيئة العامة للثقافة ومؤسسة مسك ووزارة الثقافة، فإن عدد الفنانين الدوليين الذين يأتون إلى جدة لا يزال قليلاً نسبيًا. وهذا من الأهداف التي نسعى لتحقيقها في مركز “الحي”: التبادل بين الفنانين المحليين والعالميين. 

“ووجود مركزين لنا، واحد في دبي والآخر في جدة، ميزة نحاول تنميتها فيما يتعلق بالعلاقات السعودية – الإماراتية. فما نفهمه عن العلاقة بين حكومتي البلدين هو أنهما تسعيان لزيادة التبادل بين البلدين ليشمل القطاع الثقافي، وهذا هدف نسعى إلى أن نؤدي دورنا في تحقيقه. ونأمل أن تكون مؤسستنا هي نقطة التقاء هذين المجتمعين.”