يعمل برناي جاين خريج الهندسة الميكانيكية من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في مشروع مشترك مع البروفسير سانجي سارما في مختبرات ذكاء الحقول. وبرناي جاين جزء من الفريق الذي يموله معمل عبد اللطيف جميل للأمن المائي والغذائي العالمي (J-WAFS)، الذي يطور جهاز جديد محمول باليد منخفض التكاليف لاختبار جودة الحليب وأمانه.

أجرت منظمة “فتح الأبواب” حوارًا مع برناي حول المشروع وأهدافه.

إن الهند أكبر منتج للألبان في العالم، بإنتاج يبلغ 150 مليون متر مكعب سنويًا أو ما يمثل 18% من الإنتاج العالمي. وهذا رقم هائل يزيد 50% على إنتاج الولايات المتحدة ويمثل ثلاثة أضعاف إنتاج الصين. وتمثل الإمارات العربية المتحدة وباكستان وبنجلاديش أسواق التصدير الرئيسية.

إن توزيع الماشية في الهند أكثر اتساقًا وعدالة بكثير من توزيع الأراضي. فقرابة 75% من المنازل الريفية تمتلك في المتوسط من اثنين إلى أربعة حيوانات فيما يعتمد ثلث الدخل في القرى الريفية على منتجات الألبان.

تتمحور صناعة الألبان حول ملايين من المزارعين الصغار الذين ينتجون خمسة ليترات في المتوسط يوميًا. لذا فإن كل تحسين في بيئة صناعة الألبان سيكون له تأثيرًا كبيرًا على الملايين من المزارعين الصغار، والحد من الفقر بشكل عام.

مع ذلك فإن قرابة ربع إنتاج الهند من الألبان يتم اختباره في المصدر للتحقق من الجودة. ولكن حتى هذه الاختبارات تعتمد على معدات عتيقة، غير موثوقة. وهذه مشكلة.

فطبقا لمنظمة الصحة العالمية World Health Organization، فإن واحد من كل عشرة أشخاص يمرض سنويًا من جراء تناول الطعام الملوث فيما يتوفى 420,000 شخص سنويًا بسبب الطعام الملوث. ويمثل الأطفال فيما دون سن الخامسة الفئة الأكثر تعرضًا للمخاطر إذ يموت سنويا 125,000 طفل جراء أمراض متعلقة بسلامة الطعام.

ما هي المشكلة الأساسية التي تسعون لحلها من خلال هذا المشروع؟

سلاسل الإمداد المعروفة في إنتاج الحليب بالهند طويلة ومعقدة، وغالباً ما يكون لها تأثيرًا سلبيًا على الجودة والأمان. يبيع المزارعون الصغار ما لديهم من ألبان لمراكز تجميع الألبان المحلية في القرى. ثم يُحمل الحليب إلى مراكز التجميع الإقليمية، والتي بدورها تبيع الحليب لمن يعلوها في سلسلة الإمداد. الخلاصة، يسافر الحليب عدة مئات من الأميال ويتنقل بين الأيادي عدة مرات قبل أن يبلغ مصانع المعالجة والإنتاج أو المستهلكين.

ولقد أدى هذا التخبط والتشوش في سلسلة الإمداد وغياب إمكانية تتبع مصادر الألبان من جهة، وانخفاض جودة الألبان من جهة أخرى إلى الحد بشدة من إمكانية نمو هذه الصناعة. كذلك يتسبب ذلك في مشاكل وتساؤلات كبرى لدى المشترين حول جودة الألبان وأمانها، ويتسبب في ضبابية وتقلبات مالية لمنتجي الألبان على المستويات الصغيرة من جهة ويحمل مخاطر صحية كبرى لملايين من المستهلكين من جهة أخرى.

ما المشكلة في النظم الحالية لاختبار جودة الألبان؟

تعتمد طرق اختبار الحليب الحالية عادة على تقنيات مقياس الطيف فوق الصوتي. لكن هذه الطريقة قد تكون غير موثوقة، نظرًا لتأثير العديد من العوامل البيئية على دقة النتائج ومن ذلك مثلاً درجة الحرارة والرطوبة. فربما تكون نتيجة اختبار نسبة الدهون في عينة حليب 4% في يوم ما، ثم تكون نتيجة اختبار نسبة الدهون في العينة نفسها 6% في يوم أخر. ويكون ذلك غير مشجع للمزارعين الذين لا يعرفون على وجه الدقة مقدار ما سيدفع لهم.

في المقابل، تعتمد تكنولوجيتنا على تكنولوجيا الاستشعار البصري لاختبار جودة اللبن اختبارًا موثوقًا يقيس نسبة الدهن والبروتين في الحليب بسرعة وتقدير قيمته، وتحسين إمكانية التتبع من جهة وتمكين التحكم الآني.

ويمكن للجهاز تقديم قياسات دقيقة آنية عبر أجهزة الهواتف المحمولة وفي خلال دقيقة واحدة.

بالإضافة إلى الارتقاء بضمان الجودة وإمكانية تتبع مصدر الألبان، فإن الأسلوب الجديد مفيد للمزارعين. فإذا توفرت لك الأداة لقياس الدهن والبروتين بدقة، فستكون متأكداً بدرجة كبيرة أن الحليب ليس معيبًا أو ملوثًا. لذا إذا كان المزارع يستخدم ماشية تمنحه إنتاجية أفضل، بالنسبة إلى إنتاج حليب ذو نسبة دهن أعلى، فإنه يحصل على سعر أفضل لأن المحتوى الدهني هو أحد أهم المقاييس في هذه الصناعة. كذلك يُمكن أن يساعد تحديد نسبة الدهن والبروتين على معرفة الحالة الصحية للماشية ومن ثم الوقوف على ما يجب عمله فيما يخص التغذية، ويمنح المزارع إفادة دقيقة يعمل على أساسها.

هل يمكنكم شرح الحل الذي تعرضونه، وكيفية عمله؟

تعتمد هذه التكنولوجيا على طريقة مقياس طيف جديد يسمى تصوير انتشار النقاط المضيئة Speckle Illuminated Diffusion Imaging وذلك لتحديد حجم الجسيمات وحجم التكسر في الحليب. أما طريقة العمل فتتطلب صب كمية صغيرة من الحليب في كوب عينات على جهاز قياس يدوي. ثم يتولى مستشعر ضوئي مدمج التعرف على تركيز الجسيمات في السائل، ويقيس الدهون والبروتين في اللبن.

يُسلط الجهاز الضوء على العينة. ويستخدم الجهاز نمط معين لزيادة الدقة، ثم يعكس الحليب النمط ذاته إلى المستشعر. ويمثل مستوى التشوش خصائص السائل. لذا يُمكننا تقدير الدهون والبروتين بدقة كبيرة جدًا عند تحليل هذه الصور. وتُرسل الصور مباشرة إلى الهاتف الذكي لذا يُمكن إجراء الاختبار ميدانيا وآنيا.

إننا نستخدم مستشعر بصري لأن خصائص الحليب البصرية لا تتغير بتغير درجة الحرارة أو الرطوبة. بل إنها متسقة جدًا. لذا فإنها عكس المستشعرات فوق الصوتية، التي تتأثر بالبيئة المحيطة.

 
هل أنت واثق من إمكانية تطوير هذا المنتج بسعر اقتصادي بما يضمن تسويقه تجاريًا في الهند؟

دعني أوضح الأمر.

إن الأجهزة الصناعية القياسية المستخدمة لقياس جودة الألبان في المصانع تبدأ أسعارها من 100,000 دولار أمريكي للجهاز الواحد. وهو سعر باهظ جدًا لا يُمكن خفضه ليكون في متناول مراكز التجميع.

ولهذا السبب لا تزال مراكز التجميع قاصرة على استخدام الأدوات فوق الصوتية التي تتراوح تكلفتها بين 500 و800 دولار. ونحن بدورنا نسعى لتطوير جهاز في هذه الفئة السعرية.

بقدر ما نسعى للابتكار في التكنولوجيا، فإننا كذلك نحاول الابتكار في نموذج العمل. فمراكز التجميع تتحمل حاليًا تكلفة تكنولوجيا اختبار الحليب. لكن البيانات التي تُجمع في مراكز التجميع بالغة الفائدة لمصانع المعالجة والإنتاج.

لذا فإننا نود ونحاول الاستفادة الحقيقية من هذه البيانات ويعني ذلك أن يُساهم المنتفعين بها، أي مصانع المعالجة والإنتاج، في جمعها والحصول عليها.

هل يُمكن تطبيق هذه التكنولوجيا على مستحلبات كثيفة أخرى؟

نعم يُمكن تطبيقها في مدى متنوع من البيئات. فنحن نرى أن هذه الخصائص لها صدى في الدم وال%