استفاد مجتمع جميل، الذي تأسس عام 2003، من خبرة شركة عبد اللطيف جميل ومعرفتها التي اكتسبتها على مدى أكثر من 70 عاماً، وهو الآن يساعد المجتمعات على المضي قدماً نحو مستقبل أفضل والارتقاء بحياة أعدادٍ لا حصر لها من البشر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا وخارجها.

كان حسن جميل، نائب الرئيس ونائب رئيس مجلس إدارة عبد اللطيف جميل، من بين المتحدثين في قمة مجلس الشركات العائلية الخليجية السنوية (FBCG) التي استمرت ليومين في دبي بالإمارات العربية المتحدة، وتطرق السيد جميل إلى شرح كيف تطور مجتمع جميل ليصبح مؤسسة اجتماعية مستدامة، وقدمه كمثال يمكن أن تحتذي به الشركات العائلية الأخرى التي تتطلع إلى رد الجميل إلى المجتمع.

نشرت قمة مجلس الشركات العائلية الخليجية دراسة حالة تسلّط فيها الضوء على أنشطتها، وقد أعددنا نسخة موجزة منها بموجب تصريح أدناه.

 

 

مُساعدة الأشخاص على اكتشاف قدراتهم وإمكاناتهم

تمثل رسالة مجتمع جميل في منح الأشخاص القدرة على تحسين ظروف حياتهم وحياة من حولهم؛ حيث يقوم في جوهره على “مساعدة المجتمعات على التقدم والارتقاء بسواعد أبنائها”. وتختلف هذه الرؤية عن غيرها لكثير من المنظمات الخيرية، فهو يسعى لعلاج أسباب المشكلات الاجتماعية والاقتصادية العالمية من جذورها ولا يكتفي فقط بتخفيف حدة آثارها الظاهرة.  تشارك ثلاثة أجيال من عائلة جميل في مجتمع جميل تكريماً وإجلالاً لتفاني المؤسس الراحل في تحقيق النمو ببصيرة نافذة وسعيه الحثيث لإحداث تغيير إيجابي في المجتمع

يركز مجتمع جميل على ستة مجالات ذات أولوية حقيقية: المساهمة في توفير فرص العمل، ومكافحة الفقر حول العالم، وتوفير الأمن الغذائي والمائي، والاهتمام بالفن والثقافة إلى جانب التعليم والتدريب والتوعية الصحية والاجتماعية.  وتشمل بعض المبادرات الرئيسية ما يلي:

  • باب رزق جميل برنامج توفير فرص العمل ساعد منذ عام 2003 في توفير أكثر من 720000 فرصة عمل على مستوى العالم، منها 500000 تقريباً في المملكة العربية السعودية.
  • يُعتبر معمل عبد اللطيف جميل للتطبيقات العملية لمكافحة الفقر (J-PAL) شبكة عالمية مكونة من أساتذة تابعين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)
  • معمل عبد اللطيف جميل للأمن المائي والغذائي العالمي (J-WAFS) في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، الذي يجري أبحاثاً للمساعدة في علاج مشكلة نقص إمدادات الماء والغذاء على مستوى العالم
  • معرض جميل للفن الإسلامي في متحف فيكتوريا وألبرت بلندن، ومتحف جدة للمجسمات، وبيت جميل للفنون التراثية في جدة والقاهرة وإسكتلندا
  • مسابقة MITEF لأفضل الشركات الناشئة في العالم العربي: تُشجّع روح المبادرة والإبداع في العالم العربي

تُعد مبادرة باب رزق جميل، على وجه الخصوص، نموذجاً مثالياً لرؤية مجتمع جميل والتزامه بمساعدة الأفراد والمجتمعات على الارتقاء بأنفسهم.

بناء شبكة متصلة

غرست شركة عبد اللطيف جميل فسيلة باب رزق جميل في عام 2003، عندما درّبت بعض الشباب العاطل عن العمل على عددٍ من سياراتها ليصبحوا سائقي سيارات أجرة.    وفي إطار دعم الشركة لفلسفة الاستدامة والاستقلال الاقتصادي، طلبت من الشباب الذين تسلموا السيارات دفع قيمتها بنظام الأقساط بدون فوائد، كلما تحصلوا على المال من قيادتها. ومن ثم أصبح هؤلاء الشباب بمرور الوقت ملاكاً لسيارات الأجرة بدلاً من مجرد سائقين.

أدركت باب رزق جميل مبكراً الحاجة إلى تعليم وتثقيف المشاركين المحتملين بشأن برامجها. فنشرت رسالتها من خلال الحملات التلفزيونية، كما استغلت فرص الحصول على استشارات في مراكز خدمات التوظيف.

وسرعان ما نمت المبادرات، وأصبحت تمول عدداً أكبر من أنشطة مبادرات الأعمال باستخدام نفس مبدأ القروض واجبة السداد لدعم مجموعات جديدة مثل النساء اللاتي تعملن من منازلهن، فضلاً عن الشركات الصغيرة الناشئة الأخرى.  فقد منحت الأفراد القدرة على تحقيق استقلالهم الاقتصادي وإثبات قيمتهم في سوق العمل.

وبمرور السنوات، طوّرت باب رزق جميل برامج لإقامة جسور بين الباحثين عن الوظائف وأصحاب العمل، وتقديم الدعم والقروض بدون فوائد لأصحاب مبادرات الأعمال، جنباً إلى جنب مع توفير فرص للعمل عن بعد ومن المنزل. ويبلغ عدد العاملين في باب رزق جميل الآن 700 موظف.

يُذكر أن جهود برنامج باب رزق جميل للتوظيف المباشر تكللت بنجاحاتٍ مبهرة. وقد صرّح حسن جميل، نائب الرئيس ونائب رئيس مجلس الإدارة للعمليات المحلية لشركة عبد اللطيف جميل قائلاً: “يُعد برنامج التوظيف المباشر مثالاً على التفكير الواقعي والعملي الذي نشجعه في مجتمع جميل”.

“ندرك أن هناك أصحاب أعمال في المنطقة يبحثون عن أناسٍ يتمتعون بالقدرة والكفاءة المطلوبة، وعلى الصعيد الآخر هناك الكثير من الأشخاص المتحمسين للعمل.  ولكن في بعض الأحيان، يعاني كلا الطرفين كثيراً قبل أن يعثرا على بعضهما، ولهذا نقوم بدور الوسيط لمد الجسور بينهما ولتطوير مهارات الأفراد حتى تلبي احتياجات أصحاب العمل.”

كان للدعم الحكومي أيضاً دور كبير في نجاح تجربتنا، وذلك من خلال توطيد العلاقات مع كبار المسؤولين في الحكومة، وتضافر جهودنا مع أهداف العمل الحكومية، واستكشاف نماذج ومناهج جديدة. وعلاوةً على ذلك، فقد اكتشف باب رزق جميل بأن عقد شراكات تقوم على المنفعة المتبادلة مع المنظمات الحالية ساهم في توفير فرص العمل بدرجة أكبر. والشراكة بهذا المفهوم، أي الجمع بين الموارد المناسبة في الوقت المناسب لحل المشكلة، ليس على المدى القصير فحسب، بل وعلى المدى الطويل أيضاً،هي أصل الوصف البسيط الذي لا يزال يسلط الضوء على كل أنشطة مجتمع جميل:  مجتمع جميل – يداً بيد لفعل الخير.

بصمة لا تُمحى

يتمثل أحد طموحات استراتيجية العلامة التجارية لشركة عبد اللطيف جميل في “مساعدة الأشخاص الذين يسعون جاهدين للوصول إلى كل ما هو أفضل على أن ينالوا الأفضل، والأفضل يعني الأمثل على صعيد الوسائل والحياة والإمكانات”. نفعل ذلك لأننا عاقدو العزم على التنقيب عن الإمكانات الجديدة، ولكي ندعم مسيرة النمو والتنمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا وغيرها.

ويتضح هذا التوجه من خلال تطور عبد اللطيف جميل من موزع صغير إلى شركة عالمية متنوعة، وتطور مجتمع جميل من تجربة متواضعة إلى منظمة مؤسسية اجتماعية مستدامة ومتعددة الجوانب، وتطور باب رزق جميل من مشروع صغير إلى شركة يعمل بها 700 موظف.

تميل مشروعات مجتمع جميل عادة إلى الجمع بين شغف عائلة جميل ورغبتها في إحداث فارق من خلال التجارب، والاستفادة من سجل خبرات عبد اللطيف جميل الحافل بالإنجازات وموظفيها وشبكاتها فضلاً عن البحث عن الدروس المستفادة. يمتلك مجتمع جميل بعض مبادراته ويديرها بنفسه، لكنه يعهد أحياناً بتنظيم بعضها وإدارتها إلى أطراف خارجيين يمتلكون الخبرة اللازمة لذلك.

تبدأ مبادرات باب رزق جميل الجديدة غالباً بإجراء أبحاث للوقوف على احتياجات المجتمع، ومراجعة الموارد المتاحة، فضلاً عن اجراء اختبار تجريبي صغير للبرنامج في جدة. وبعد أن ثبت نجاح مشروع باب رزق جميل، اتسع نطاقه ليصل إلى مصر، وتركيا، والمغرب. والباب مفتوح على مصراعيه أمام مشروعات تعاونية جديدة تزيد من عدد الفروع في الدول التي يخدمها المشروع بالفعل، ولشراكات جديدة لاستكشاف الدول التي لم تدخل في نطاقه بعد.

جديرٌ بالذكر أن باب رزق جميل يبحث أيضاً عن فرص للاندماج مع وحدات شركة عبد اللطيف جميل الأخرى وأنشطتها.  وتُعد رعاية الشركات خير مثال على ذلك. فعبد اللطيف جميل هي الراعي الرسمي لدوري المحترفين السعودي، وهو دوري كرة قدم يشارك فيه 14 فريقاً، ويُعرف الآن اختصاراً باسم دوري جميل. وترى عبد اللطيف جميل دوري جميل على أنه فرصة لجمع المواطنين معاً والترفيه عنهم وربطهم وإشراكهم في الجهود المتواصلة لتنمية المجتمع السعودي. وفر باب رزق جميل، على مدار ثلاثة أعوام فقط، ما يربو على 10000 وظيفة في الملاعب ليساعد الشباب السعودي في الحصول على فرص عمل مثل بيع الوجبات الخفيفة خلال المباريات والعمل ضمن فرق الملعب أثناء الفعاليات الأخرى التي تُقام داخل البساط الأخضر.

وقد أهلت هذه الإنجازات باب رزق جميل للحصول على جائزة رواد مواقع التواصل الاجتماعي العرب لعام 2015 في فئة المسؤولية الاجتماعية للشركات تقديراً واعترافاً بنجاحها في توفير فرص عمل من خلال منصاتها على مواقع التواصل الاجتماعي.  كما شهد عام 2012 تسلم باب رزق جميل جائزة من مؤسسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لرواد الأعمال عن “أفضل مبادرة لدعم ريادة الأعمال في الدول العربية”. وفي عام 2008، تسلم محمد عبد اللطيف جميل على وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية، وهو أعلى وسام مدني في المملكة، تقديراً لإسهاماته الشخصية في مبادرات توفير فرص العمل لرجال ونساء المملكة العربية السعودية على حدٍ سواء.

خطوات قامة ترسم معالم الطريق

يمكن للمنظمات الأخرى التي تتطلع إلى إعادة استثمار وقتها وحماسها وخبرتها في المجتمعات التي تعمل بها أن تستغل الدروس المستفادة من خبرة شركة عبد اللطيف جميل ومجتمع جميل ونجاحهما:

  1. الشغف: نجح مجتمع جميل في إشراك الإدارة العليا على مدى أجيال متعددة من خلال السماح للأشخاص باستكشاف حماسهم وشغفهم بالقضايا الاجتماعية. ويتمثل شغف عائلة جميل في حبها للفنون المرئية؛ التراثية والمعاصرة على حدٍ سواء. وقد استغلت هذا الاهتمام البالغ لتطوير برامج تعمل على عرض أفضل الفنون العالمية، ونشر الثقافة الفنية بين الطلاب، ودعم الفن والفنانين.
  2. التجربة العملية: بدأت تجربة باب رزق جميل بداية متواضعة من خلال 10 أفراد من الشباب. ونمت من خلال المشروعات التجريبية الذكية، وتكرار التعلم، والتوسع الإستراتيجي، لتبرهن على قوة الإبداع والتجربة العملية. وتتمثل العقبة الكبرى أمام العديد من الشركات في قلة المحاولات أو “العجز التخطيطي”، وهو ما يحد من نشاطها وقدراتها.
  3. المجتمع: يبذل مجتمع جميل جهوداً مضنية لإقامة روابط مع المجتمع الذي يأمل في خدمته. تتجاهل العديد من المؤسسات والمنظمات الخيرية هذه الخطوة وتطلق برامج لا تتماشى مع الظروف المحلية، وهو ما يجعلها تسقط في هاوية الفشل.
  4. الخبرة: يُعد التوظيف خطوة بالغة الأهمية، فإذا أردت الحصول على مؤسسة خيرية ناجحة، فلا بد من توظيف مستشارين على كفاءة عالية وأفراد ذوي خبرة كافية و معرفة عملية واسعة، حتى يتسنى لك الانتقال بسهولة من مرحلة التفكير إلى مرحلة التنفيذ. وكبديلٍ لذلك، يلجأ البعض إلى مد جسور التعاون مع منظمات غير حكومية عالمية لديها الخبرة والمعرفة العملية اللازمة لتولي زمام المبادرة والمضي قدماً نحو الريادة.
  5. التطور: إذا كانت على الشركات أن تتوقع أي تغيرات في السوق وتتكيف معها، فإن المبادرات الخيرية أيضاً لا بد وأن تتطور لتحافظ على ملاءمتها وفاعليتها. يمثل التوازن بين مواصلة الدعم المالي للمساعي القديمة التي أثبتت نجاحها وبين تقديم فرص جديدة تحدياً كبيراً، لكن العائد من ذلك، كما يُبّين مجتمع جميل، يستحق هذا الجهد.

صيحة من السيد حسن جميل: “لتكن القيم الأساسية لعائلتك منارة لك على طريق العطاء في العمل، فقيمنا هي الاحترام، والارتقاء، والريادة، والتمكين؛ حيث نحترم الأشخاص الذين نخدمهم ونستشيرهم دائماً، كما نعتمد على أدوات للتقييم تساعدنا على الارتقاء بنتائجنا. ونتربع على عرش الريادة من خلال المشروعات التجريبية التي تشغل حيزاً هائلاً من اهتمام العائلة، كما نسعى إلى الارتقاء بالمجتمعات بسواعدنا”.

 

 

 

 

 

 

Reproduced by kind permission of the Family Business Council – Gulf.

نبذة عن مجلس الشركات العائلية الخليجية (FBCG)

مجلس الشركات العائلية جهة خاصة ولا تهدف إلى الربح ومكونة من أعضاء، وتستهدف ترسيخ حوكمة الشركات العائلية، وضمان استمراريتها عبر الأجيال، مع التعلم من أفضل الممارسات الدولية والأخذ بها وتطبيقها حيثما انطبق ذلك، ومن خلال الأبحاث والتعليم وتطوير القدرات والتواصل فيما بين النظراء والجهات المماثلة، فإننا نسعى إلى الوقوف على القضايا التي تتفرد بها المنطقة.

ويخضع المجلس لمجلس إدارة يمثل إحدى عشرة شركة عائلية رائدة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، تقوم بإدارة دفة الأمور في المؤسسة وببنائها وتكوينها، ويشترك مجلس إدارة مجلس الشركات العائلية الخليجية في وجهة نظر موحدة مفادها أن استمرارية الشركات العائلية وازدهارها من المسائل الحيوية ليس لموروث العائلات فحسب، وإنما للاستدامة الاقتصادية للمنطقة أيضًا.

مجلس الشركات العائلية الخليجية عضو بمؤسسة عالمية، ألا وهي الشبكة الدولية للشركات العائلية، التي تعد أكبر شبكة عالمية “من العائلات، ولأجل العائلات”، حيث تمثل كبريات الشركات العائلية في جميع أنحاء العالم. www.fbn-i.org