إدراكًا منها لأهمية التعليم باعتباره “حقاً من حقوق الإنسان الأساسيّة ويصب في صالح الأفراد ومسئولية عامة تقع على عاتق الجميع”، أعلنت الأمم المتحدة يوم الرابع والعشرين من يناير يومًا دوليًا للتعليم، وذلك احتفاءً بالدور الأساسي للتعليم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

لطالما كان التعليم وتراكم المعرفة وتبادلها من الأمور المحورية في تطور البشرية. واليوم، لا يُنظر إلى التعليم الأساسي في العديد من البلدان على أنه حق فحسب، بل باعتباره أيضًا مسؤولية أساسية على عاتق الحكومات التي يتعين عليها أن تكفل توفير فرص التعليم للجميع.

لكن الحقيقة التي لا سبيل لنا إلى إنكارها كمجتمع ورغم ما تحقق خلال العقود الأخيرة من تقدم في مجال التعليم، أننا ما زلنا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود في هذا المضمار، لا سيما وأن أحدث الأرقام الصادرة عن اليونسكو تكشف أن:

  • 258 مليون طفل وشاب ما زالوا غير ملتحقين بالمدرسة؛
  • 617 مليون طفل ويافع لا يستطيعون القراءة والكتابة والقيام بعمليات الحساب الأساسية؛
  • أقل من 40٪ من الفتيات في أفريقيا جنوب الصحراء يكملن المرحلة الدنيا من التعليم الثانوي؛
  • عدد الأطفال واللاجئين غير الملتحقين بالمدارس يبلغ زهاء 4 ملايين نسمة.

وهنا تبرز مسألة تيسير التعليم وإتاحته للجميع كأمر محوري في تحقيق التنمية المستدامة، وعامل أساسي في دعم تقدم أهداف التنمية المستدامة التي تبناها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. ولا شك في أن الإخفاق في إتاحة التعليم للجميع من شأنه أن يأخذنا خطوات إلى الوراء على مسار الجهود الرامية إلى كسر دائرة الفقر التي تجتاح الاقتصادات في جميع أنحاء العالم.

تنظم الأمم المتحدة اليوم الدولي للتعليم هذا العام تحت شعار “التعليم من أجل تحقيق الازدهار والسلام للناس والكوكب”، وذلك احتفاءً وتذكيرًا بدور التعليم باعتباره موردًا متجددًا وقائمًا على الجنس البشري ذاته.

احتفلت مجتمع جميل، المؤسسة الخيرية العالمية، هذا العام بالذكرى السنوية الخامسة والعشرين لبرنامج صندوق عبد اللطيف جميل – تويوتا للمنح الدراسية خلال حفل أقيم بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. كان البرنامج، الذي يعود تاريخ إطلاقه إلى العام 1994، واحدًا من أولى مبادراتنا الداعمة للتعليم كمجال رئيسي للتنمية. وقد أكمل أكثر من 180 طالباً من 28 دولة حول العالم دراساتهم الجامعية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا من خلال منحة جميل- تويوتا على مدار الأعوام الخمسة والعشرين الماضية. ونجح الكثير من خريجي المنحة الدراسية في بناء مسيرة مهنية متميزة في مجال الأعمال والاقتصاد وفي الأوساط الأكاديمية في الولايات المتحدة الأمريكية وفي بلدانهم.

وفي كلمة له خلال الحفل الذي أقيم في وقت سابق من هذا العام بمناسبة الذكرى السنوية للبرنامج، قال رافائيل ريف، رئيس معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا:

“بفضل الرؤية القيادية لعائلة جميل، يتوافد طلبة منحة جميل- تويوتا إلى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا سعيًا إلى استغلال إمكاناتهم، وهم يُسهمون أيضًا خلال وجودهم هنا في إثراء أوساط معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بأفكارهم، وطاقتهم، وموهبتهم، والأهم أنهم مع تدرجهم على الصعيد المهني والدراسات العليا، يطبقون ما تعلموه هنا لتمكين المجتمعات وتحسين حياة الناس في جميع أنحاء العالم”

وفي عام 2017، دخلت مجتمع جميل في شراكة مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لتأسيس معمل عبد اللطيف جميل العالمي للتعليم (J-WEL)، بهدف إحداث نهضة عالمية في التعليم لجميع المتعلمين، والعمل كحاضنة للتغيير في التعليم في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وحول العالم. يتمثل نهج معمل عبد اللطيف جميل العالمي للتعليم في الجمع بین المعلمین والتکنولوجیین وصانعي السیاسات والقادة الاجتماعیین لمعالجة التحدیات العالمیة في التعلیم من خلال التعاون على المستوى الشخصي وعبر الإنترنت، ومن خلال ورش العمل، والمؤتمرات.

في العام 2018، أعلن معمل عبد اللطيف جميل العالمي للتعليم ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عن مبادرة رئيسية لحل مشكلات أنظمة التعليم المتأزمة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، والعمل مع فريق التعليم العالمي التابع لمؤسسة أنقذوا الأطفال لتعزيز قدرات المعلمين.

على مدار أكثر من عام، استفاد معمل عبد اللطيف جميل العالمي للتعليم من الدعم المقدم من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومجتمع جميل، وفريق من المتخصصين والخبراء من منظمة إنقاذ الطفل، في إعداد برنامج تطوير مهني منسّق بعناية لتطوير المعلمين وتحسين جودة التعليم لمن يحتاجون مزيداً من الدعم. وتطمح الجهتان القائمتان على المشروع (معمل عبد اللطيف جميل العالمي للتعليم ومنظمة إنقاذ الطفل) إلى إطلاق نسخة تجريبية من المشروع تصلح لأن يتم تكييفها وتوسيع نطاقها بحيث يتسنى تطبيقها في مناطق النزاعات الأخرى.

وفي حديثه عن المبادرة، أكد حسن جميل، رئيس مجتمع جميل المملكة العربية السعودية، التزام مجتمع جميل بإحداث تحوّل نوعي في قطاع التعليم في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، قائلاً:

“إننا في مجتمع جميل نعتبر التعليم أداةً للأفراد للارتقاء بحياتهم وحياة من حولهم إلى الأفضل”

من جانبه، قال فادي جميل، نائب الرئيس ونائب رئيس مجلس إدارة العمليات الدولية لشركة عبد اللطيف جميل، ورئيس مجتمع جميل، الدولية:

“التعلم والتعليم عنصران أساسيان في بناء مجتمع متين واقتصاد قوي، ويساهمان كذلك في توفير المزيد من فرص العمل للجميع، ويقودان إلى التغيير الاجتماعي الإيجابي والاستدامة الاقتصادية “.

ومع تواصل الجهود في جميع أنحاء العالم للتأكيد على الدور المحوري للتعليم في التنمية الاقتصادية والمجتمعية، فإننا نفخر بأن نكون جزءًا من هذه الحركة العالمية الداعمة للتغيير.